عشق الكتابة بالعربية!
الكتابة باللغة العربية لها وقع خاص في نفسي ونفوس كل العرب، وفي كل نفس محبة للثقافة العربية ومتأثرة بالتأريخ العربي والإرث العربي والعصر العربي. وعندما أقول العصر أعنيه بكل احتمالاته ومآلاته ومعانيه القريبة والبعيدة الحبيبة واللدودة. حسناً الكتابة باللغة العربية بالنسبة لي مثل تنفس الصعداء، معالجة الجروح، مهادنة الأحزان، ومقاربة الأرواح والأبدان. أكتب فأشعر بروحي تحتفي بحياتها وتعلنها حروفاً سعيدة أو رعناء، عاقلة أو حسناء، ثرة أو عجفاء، ولكنها في كل مرة تكون حقيقية. حينما تختفي الحقائق في عالمنا خلف الصور الجميلة والابتسامات الزائفة والدبلوماسية التي أصبحت مثل كرة القدم لها معجبين في كل بقاع الأرض ومن كل خلفيات بني آدم الطبقية والثقافية. كأن جميعهم اتفقوا على هذا وقلوبهم شتى! إذن لهذا اختار الكتابة باللغة العربية، وأيضاً أختارها لأني اجد فيها شعوراً بالحرية جد عميق، وانا امسك بقلمي الافتراضي أو قلمي الحبر الجاف، أشعر بحرية جميلة وبأنني على أبواب الفراديس جميعها الج منها ما اشاء وامرح ما أشاء واركض ما أشاء وأقف ما أشاء أصف ما أحب واترك ما أحب. كل هذا وكيف لا أكتب باللغة العربية؟ حسناً وأزيدكم مما تحبون، للغة العربية معي الكثير من الذكريات والانتصارات واللحظات الجميلات منذ نعومة أظفاري أذكر تماماً ما قرأت وكم أعجبتني وامتنعتني وفتحت قلبي وعيني الصغيرتين على عوالم لا نهائية من الخيال والأفكار، والناس والكتب، والعلوم والآداب والمعجزات والأغاني والظواهر الإنسانية الفريدة التي كانت تدهشني أيما إدهاش وتبهرني أيما إبهار أكثر من اي شيء آخر. فالكائن الإنساني هو الشغف الثاني بعد الكتابة، وحيثما وجدت إنساناً مختلفاً بجمال يكشف للعين تفاصيله أو يوحي للنفس بنبؤاته فأنني اعلن احتفالاً داخلياً خاصاً وطقساً جميلاً للفرح والبهجة والانتماء للكون الإنساني الجميل. يدهشني الجمال الطفولي البريء، والبراءة تضم في جنباتها غموضاً، فنحن لا نعرف الكثير عن الأطفال ما زلنا، وهم لشيء في نفس يعقوب ليس لديهم أي شغف بالحديث عما نحب أن نعرف، كم أحبهم بهذا الغموض الجميل الذي يتحدى جيناتنا الوراثية ويمتحن فراستنا في كل دقيقة ألف مرة. أعجبني ألف كتاب وكتاب ليس لأن المحتوى جميل بقدر ما كان الكاتب جميلاً، ولكن لتلمسي ملامح الكاتب بين سطور الكتاب وفصوله وفضاءاته. اصادقهم واجترح الحوارات الطويلة والأحلام المشتركة والقصص التي تخطر ببالي حين التفكير مثلهم. أبدو فضولية حيناً لأن اعرف خبايا أرواحهم وجوانبها الأخرى المتوارية، وأهرب منها تارة أخرى لأني أريد ذلك. نعم كثيراً ما أعيش في عالمي الخاص الذي لا يمت للواقع بصلة أو بأخرى، فأجدل الدقائق والساعات والأيام والأسابيع والشهور والسنوات والعقود أحلاماً ورؤىً وأحاديث، قد تنقطع لفترات طويلة وتعود لتتكامل من حيث انتهت. كم أحب الكتابة وااحب الكاتبين والقارئين والمكتوبين ومن يتمنون أن يكتبوا، كم أحبهم جداً وكم أتمنى أن أعود مثلما كنت قديماً قلماً يتخذ الهواء حبراً ويزخرف مثلي الأحلام فتصبح أجمل والأحباب فيضحوا أقرب وأقرب وأقرب!
Leave a reply
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.